جاءت الشريعة الإسلامية بطريقة كاملة متوازنة بين حاجات الروح وحاجات الجسد، وتعنى بالحفاظ على مقاصد الشريعة كلها أو الكليات الخمسة أو الضروريات الخمسة ومن بين هذه الضروريات أو المقاصد أو الكليات ما يضمن الحياة المتوازنة للإنسان، فالإنسان بطبعه لا يمكن أن يعيش وهو يشعر بالحاجة الملحة، بل راحته بانقضاء هذه الحاجة ولذلك رتب الإسلام الأجور الكبيرة على من يساعد أخاه المسلم ويفرج عنه كربته أو يقضي عنه حاجته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) ومن السبل التي أرشدت إليها الشريعة الإسلامية الدعاء فهل هناك دعاء لقضاء الحاجة في نفس اليوم.
دعاء قضاء الحاجة
الأصل في المسلم أنه يلجأ لله تعالى بالدعاء على كل حال وفي كل وقت، أصابته حاجة أم لم تصبه، فهو بحاجة لله تبارك وتعالى في كل شأن، ولا يستعجل العبد في إجابة الله لدعائه، بل لا يلزم الله بما يريده، فإن الله أرحم بالعبد من نفسه ، قال تعالى (وإذا سألك عبادي عَني فإني قريب أجيب دَعوة الداع إذا دَعان فليستجيبوا لي وَليؤمنوا بي لعلهم يَرشدون) وفي الحديث (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل: يقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي)، والله يحب العبد اللحوح الذي إن أدرك أنه أنقطع عن الأسباب إلا منه فرج عنه، ولمجازاة المسلم على الدعاء أحوال، إما أن يستجيب له في الحال، أو يرد عنه بلاء، أو يجازيه بالدعاء حسنات يوم القيامة.
دعاء لقضاء الحاجة في نفس اليوم
هناك من الأدعية والأذكار التي ورد الدليل بفضلها في الصباح أو المساء، وهي ثابتة على ذلك الأمر:
- (ما من عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وَهوَ السَّميعُ العليمُ ثلاثَ مرَّاتٍ إلا لم يضرَّهُ شيءٌ).
- (مَن قال: بسمِ اللهِ الذي لا يَضرُ مع اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو السميعُ العليمِ . ثلاثُ مراتٍ ، لم تصبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُصبحَ ، ومَن قالها حينَ يُصبحُ ثلاثَ مراتٍ لم تُصبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُمسي).
- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الحلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)
- (اللهمَّ إني عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أَمَتِك ناصيتي بيدِك ماضٍ فيَّ حكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أو أنزلتَه في كتابِك أو علَّمتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزْني وذَهابَ هَمِّي)
دعاء صحيح لقضاء الحاجة
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ : أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا )
- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ).
ومن الجدير أن نؤكد أن الدعاء الذي ذكرناه من أفضل الأدعية التي بيناها وهي ثباتة في السنة النبوية وصحيحها بعيدا عن الابتداع أو ما كان بعيدا، وهذا الأمر من الأمور الجيدة التي كانت نصوصها من أفلح النصوص وأحسنها.