تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان جزء من التفسير الكبير للقرأن الكريم، وقد حفظ الله تعالى هذا القرأن وغرس غرساً من عباده ينفون عنه تحريف المحرفين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وقيض لهذا الدين رجالاً يعملون على فهم معانيه الصحيحة ونشرها بين الناس، وكان من ذلك ثلة من المفسرين للقرأن الكريم، ممن أوقفوا أنفسهم لتفسير معانيه وآياته، ونشرها بين الناس، حتى أضحى هذا الكتاب واضحاً على وضوحه الأصلي لمن كان متأخراً في الفهم، وفك بعض العلماء ألفاظه للعجمة التي طرأت على العالمين بعد زمان من اختلاط لغاتهم، وهذه آية من آيات الله تعالى نقف عندها ومعانيها ونحاول أن نفسرها بما فسرها السلف الطيب والصالح وسنذهب إلى تفسير الإمام ابن جرير الطبري والإمام ابن كثير وكذلك تفسير الإمام القرطبي وتفسير العلامة السعدي رحمهم الله تعالى أجمعين.

تفسير القرأن الكريم

تفسير القرأن الكريم
تفسير القرأن الكريم

إن تفسير القرأن ومعرفة معانيه علم شامل له قواعد وأصول ولا يستقيم لكل أحد أن يفسر كتاب الله تعالى كما يحلو له، بل ذلك مناط بالعلماء من استجمعوا علم الآلة ويعرفون بأصول الشرعة جيداً، والجمع بين الأدلة، واللغة العربية ودلالتها، والناسخ والمنسوخ،  وسبب النزول، ويجمعون بين الكتاب والسنة، وغيرها من الشروط التي لا بد أن تتوفر فيمن يريد أن يفسر القرأن، ولهذا كان من أوضح التفاسير وأشدها قرباً للصواب وأصوبها التالي:

  • تفسير القرأن بالقرأن: وهي أن تأتي آية تفسر آية آخر مباشرة.
  • تفسير القرأن من الرسول صلى الله عليه وسلم: ثم أن رسول الله يذكر معنى وتأويل آية معينة.
  • تفسير القرأن من الصحابة: فهم الأعرف بمعانيه وقد عاصروا نزوله على رسول الله وهم الأعلم بلسان العرب وسبب النزول.
  • تفسير المفسرين من ملكوا آلة الاجتهاد الأكمل فالأكمل، و تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان جزء من القرأن الكامل.

سبب نزول بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

سبب نزول بئس الاسم الفسوق بعد الايمان
سبب نزول بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

ورد في سورة الحجرات آية 11 قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) وتفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان أو هذه الآية لا بد أن نمر فيه على سبب النزول لأن فيه معرفة الوائعة عند قياسها مع غيرها من الوقائع الأخرى، وكذلك أفرادها وبها يتميز الحكم وهذا العلم من أشهر علوم المفسرين ومن يريد أن يكون فقيهاً شرعياً:

  • يقول بعض المفسرين بأن سبب نزولها في الصحابي الجليل ثابت بن قيس رضي الله عنه، وذلك حين سأل شخصا: من أنت؟ فقال: أنا ابن فلان، فقال ثابت: أنت ابن فلانة يريد تعييره بأمه- فخجل الرجل؛ لأنه كان يعير بها في الجاهلية،  وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: إنها نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب؛ حيث روي أنه: (بلغ صفية أن حفصة قالت لها: ابنة يهودي، فدخل عليها النبي صل الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم: وما يبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي فقال النبي صل الله عليه وسلم: إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، فبم تفخر عليك؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: اتق الله يا حفصة).
  • وعلى الآية الكريمة علق ابن كثير رحمه الله تعالى فقال ( بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) أي : بئس الصفة والاسم الفسوق وهو : التنابز بالألقاب ، كما كان أهل الجاهلية يتناعتون ، بعدما دخلتم في الإسلام وعقلتموه ، ( ومن لم يتب ) أي : من هذا ( فأولئك هم الظالمون ).

تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان
تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

جاءت العديد من التفاسير للآية الكريمة من سورة الحجرات ومن بينها ما ورد في تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى “تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” فقال كلاماً في غاية الروعة:

  • قال السعدي رحمه الله تعالى : ” من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن ( لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ ) بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كتعرف ما هو الغالب والواقع، فإن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم “بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم” ثم قال: ( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار ” كما قال تعالى: ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) الآية، وسمي الأخ المؤمن نفسًا لأخيه، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد، ولأنه إذا همز غيره، أوجب للغير أن يهمزه، فيكون هو المتسبب لذلك. ( وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ ) أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة، فلا تدخل في هذا.
  • وواصل السعدي رحمه الله تعالى التفسير : ( بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ) أي: بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه، وما تقتضيه، بالإعراض عن أوامره ونواهيه، باسم الفسوق والعصيان، الذي هو التنابز بالألقاب. ( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) فهذا “هو” الواجب على العبد، أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج من حق أخيه المسلم، باستحلاله، والاستغفار، والمدح له مقابلة “على” ذمه ( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) فالناس قسمان: ظالم لنفسه غير تائب، وتائب مفلح، ولا ثم قسم ثالث غيرهما.

تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان سورة الحجرات

تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان سورة الحجرات
تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان سورة الحجرات

إن سورة الحجرات من السور المدنية التي نزلت في المدينة بالإجماع وهي تبدأ بالنداء للمؤمنين، وعدد الآيات التي تتكون منها 18آية، وتقع رقم 49 بين ترتيب سور المصحف، وقد جاءت تحض العرب على التأدب والتخلق مع رسول الله تعالى ومن ذلك وخاصة المؤمنين، لأن العرب لديهم شيء من حدة وجفاء، وقد جاء في تفسير قول الله تعالى تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ما يأتي:

  • بئس بمعنى الاسم الذي يتم دعوة الرجل به، وذكره بالفسق والكفر والمعصية، وهذا هو معنى الذكر، فقال ابن زيد: (أي بئس أن يُسمّى الرّجل كافراً أو زانياً بعد إسلامه وتوبته). وقيل: إنّ مَن فعل ما نُهِي عنه من السّخرية بالمسلمين، واللّمز، والنّبذ فهو فاسق. قال القرطبيّ: (يُستثنى من ذلك من غلب عليه الاستعمال في العادة، كالأعرج، والأعمى، والأعور، وغير ذلك، في حال لم يكن له سببٌ يجد في نفسه منه عليه، فذلك جائز عند الأئمّة، واتّفق على قول ذلك أهلُ اللّغة).
  • قال ابن جرير الطبري كبير المفسرين رحمه الله تعالى : ( الصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله عمّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السخرية, فلا يحلّ لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره, ولا لذنب ركبه, ولا لغير ذلك (…) وإن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب؛ والتنابز بالألقاب: هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة, وعمّ الله بنهية ذلك, ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض, وقوله ( بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ) يقول تعالى ذكره : ومن فعل ما نهينا عنه, وتقدّم على معصيتنا بعد إيمانه, فسخر من المؤمنين, ولمز أخاه المؤمن, ونبزه بالألقاب, فهو فاسق ( بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ) يقول: فلا تفعلوا فتستحقوا إن فعلتموه أن تسموا فساقا, بئس الاسم الفسوق, وترك ذكر ما وصفنا من الكلام, اكتفاء بدلالة قوله ( بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ ) عليه.

 

إن الإسلام جاء بمكارم الخلق وحسن الأدب والفضائل وهذا من جميل هذا الدين، كما أن القرأن عزز ذلك وبين فضل ذلك، وقد كانت سورة الحجرات والآيات فيها واضحة ودالة على هذا، ويشهد تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان على هذا الأصل الأصيل في شرعة رب العالمين التي ارتضاها لعباده، وبين ما يجب وما يكره منهم، ومن ذلك أنه يحب لهم حسن الأدب والخلق والفضائل، ويبغض منهم البذاءة وسوء الخلق وقبيح السلوك أو القول أو الفعل.

Scroll to Top