في كتاب الله المحفوظ 114 سورة كاملة تختلَف فيما بينها بالأسماء وبالموضُوعات التي تتحدّث عنها كل سورة على حِدا، لنجدُ أنّ مِن بَين تلك الصور سورة الفاتحة وسورة البقرة، ويس، ومريم وسورة الكوثر، والناس، وسورة الفتح، والشعراء وسورة الكهف وسورة آل عمران وسورة الفيل وسورة النساء وسورة المجادلة وسورة المائدة سوورة الأعراف وسورة يوسف وسورة هود وسورة يونس وسورة الحاقة والتغابن والطلاق، والعديد والعديد والتي كان من بينها سورة الحشر والتي نُسلّط الضوء عليها فيما يلي ونسلط الضوء كذلك على سبب تسمية سورة الحشر.
سبب تسمية سورة الحشر بهذا الاسم
سَبب التسمية التي ترجعُ لهذه السورة نطرحُه لكم علّكم تجدون فيه ما يُوفّر لكم عناء البحث المعمق من سبب التسمية في المرجع المكتوبة والصعبة، حيثُ ذُكر في سبب نزول سورة الحشر أنّها نزَلت في السنة الرابعة للهجرة، وأنّها نزلت في بني النضير، وسبب تسمية هذه السُّورة بسورة الحشر أنّها تكلّمت عن حشر بني النضير، حيث حاصرهم الرسول عليه الصلاة والسلام حينما قرّر أن يعاقبهم، ثم استسلموا بعد ذلك للرسول ولأصحابه الكرام، وحكم عليهم الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- بالجلاء والابتعاد عن المدينة المنوّرة، وكانوا أول من تمّ إجلاؤهم وإخراجهم من أهل العرب في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعنى أوّل الحشر أي خروجهم الأول من حصونهم في المدينة إلى خيبر، وأما معنى آخر الحشر الذي ورد في السورة كذلك فهو خروجهم من خيبر إلى بلاد الشام، وقال بعض المفسّرين أنّ آخر الحشر هو حشر البشر جميعاً الأخير في أرض الحشر، أو أرض المحشر، ومن المعلوم أنّ محشر الناس النهائي يكون في الشام.
موضوعات سورة الحشر
سورة الحشر احتوَت في آياتها على موضوعات عديدة تناولتها الآيات العطرة التي كانت وبلا شكّ قادرة على إيصال المعنى المراد لها.
- الكلام عن حادثة الحشر ومعاقبة بني النضير من اليهود.
- الكلام عن خروج بني النضير، وتشتتهم وابتعادهم عن المدينة.
- لا ينال أهل الكفر والنفاق من المسلمين إلا حين تتفرّق قلوبهم.
- مخاطبة المؤمنين ودعوتهم إلى تقوى الله ومراقبته، وأن يراقب المسلم نفسه وتصرفاته.
- الموازنة بين أهل الحق وأهل الباطل وأهل الجنة وأهل النار، وتقرير أنهم لا يستوون، فأصحاب الجنة الذين هم أهل الحق هم الفائزون.
- بيان أثر القرآن الكريم في القلوب.
- الكلام عن حكم الفيء الذي أفاء به الله سبحانه وتعالى على المؤمنين.
- الكلام عن أهم ملامح شخصيّة التابعين، ودعائهم لمن سبقهم بالإيمان.
- بيان زيف العلاقة بين المنافقين وأهل الكفر، وأنّها علاقة باطلة فاسدة.
- استعراض عدد من أسماء الله وصفاته، وتختتم السورة كما بدأت بالتسبيح.
- نسبة إخراج بني النضير إلى الله سبحانه وتعالى وإلى تقدير الله.
- بيان مصير من يشاقق الله تعالى ويعصيه ويتحدّاه.
- بيان استقرار قلوب المؤمنين واطمئنانها بنصر الله للحق.
سبب نزول سورة الحشر
لكل سورة من سور القرآن الكريم سبب لنزولها، وقد نزل القرآن الكريم كافة على الرسول الاطهر محمد ابن عبدالله، ونخصص الفقرة التالية لسبب نزول سورة الحشر، حيث نزلت سورةُ الحشر في السنة الرابعة للهجرة؛ وسببُ نزولها هو غدرُ يهود بني النضير بالمسلمين، وبنو النضير هُم إحدى قبائل اليهود التي سكنت المدينة المنورة، ولمّا استقرّ رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم- في المدينة هو والمسلمون، وبدأوا بتأسيس النّواة الأولى للدولة الإسلاميّة حرص الرسولُ -صلى اللهُ عليه وسلم- والمسلمون على تحصين الجبهة الداخليّة، وبدأوا بتوقيع العهود والمواثيق مع سكان المدينة وجوارها من غير المسلمين ومنهم بنو النضير، وكان من ضمن الاتفاق التشارك في الدية، وتعويض أهل المقتول إن كان القاتلُ من المسلمين أو من يهود بني النضير.
كما وذهب الرسولُ -صلى اللهُ عليه وسلم- وبرفقته عشرة من كبار الصحابة على رأسهم أبو بكر الصديق وعُمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً إلى بني النظير، فاستقبله يهود بني النضير استقبالاً حسناً، ولكنهم أرادوا أن يستغلّوا الموقف فرتّبوا للغدر بالرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- وخططوا لقتله وهو عندهم، حيثُ أمروا أحدهم بأن يصعد فوق الجدار الذي كان يستند عليه الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- وأن يلقي صخرة عليه صلى اللهُ عليه وسلم، وفعلاً استعدّ عمرو بن جحّاش بن كعب من بني النضير لتنفيذ مهمة قتل الرسول، إلا أنّ الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- تنبّه لهذا الأمر، وغادر قبل ذلك، وعزم الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- على معاقبة بني النضير على خيانتهم، وغدرهم، ونقضهم للعهد الذي عاهدوا عليه رسول الله والمسلمين.